يخرج من بيته،يتوجه كعادته لتناول فنجان القهوة، يختار دائما مقعدا في إحدى الزوايا، لا يدري لماذا لكنه يحب أن يجلس في أحد زوايا المقهى. يعيد السؤال مرة أخرى، لماذا المقهى بالذات ؟ لماذا الزاوية أو الهامش؟ أيريد أن يعيش في الهامش بعيدا عن الأضواء و عن الآخرين؟ لماذا يحن دائما إلى الأمكنة رغم أنها مجرد جدران؟
لا يدري الجواب، لكنه يحن إلى مقهاه، و مقعده، و يحن إلى هذه الأمكنة لأنها تشاركه فرحه، غضبه، نشوته أحيانا، و يتقاسم معها همومه، لحظة قلقه الأول و أمله الأخير.
يتذكر الكلمات التي خطها، ابتسامات الزبناء الباهتة في أيام الشتاء الباردة، يتذكر النادل النحيف الذي يناوله عود ثقاب إذا ما حصل عطب في ولاعته… تستهويه مقهاه بصمتها ، هدوءها، رغم ما توصف به على أنها مقهى النخبة. لكنه لا يفكر في هذا، لا يريد أن يصنف نفسه ضمن هذه النخبة، ربما لأنه بعيد عنها، و حتى أنه يشكك في هذه التسمية و هذه الفئة بصفة عامة، لأنه -في رأيه- لم يبق لها دور سوى اجترار الكلام .
يتوقف عن التفكير بالموضوع برهة، ويستطرد: مالي و هذه الأسئلة، أنا أحن لهذه المقهى و كفى.